Now

من طبيب عيون إلى طاغية كيف سطّرت الصدفة مصير سوريا تحت حكم الأسد

من طبيب عيون إلى طاغية: كيف سطّرت الصدفة مصير سوريا تحت حكم الأسد

لطالما كانت حوادث التاريخ مليئة بالتحولات غير المتوقعة، والمسارات التي لم تخطر ببال أحد. قليلون هم الذين يدركون أن قرارات فردية، أو حتى ظروف طارئة، يمكن أن تغير وجهة أمة بأكملها. وهذا ما يتبدى بوضوح في قصة سوريا الحديثة، وكيف آل مصيرها إلى حكم بشار الأسد، طبيب العيون الذي لم يكن مقدراً له أن يكون رئيساً، لولا سلسلة من الأحداث القدرية التي قلبت كل التوقعات رأساً على عقب.

الفيديو الذي يحمل عنوان من طبيب عيون إلى طاغية: كيف سطّرت الصدفة مصير سوريا تحت حكم الأسد يغوص في أعماق هذه القصة، محاولاً فك شفرة اللحظات الحاسمة التي قادت إلى وصول بشار الأسد إلى السلطة، وكيف تحول من شاب طموح يحلم بممارسة مهنة الطب، إلى حاكم مستبد تلطخت يداه بدماء شعبه. إنه تحليل معمق لتأثير الصدفة والقدر على مسار التاريخ، وكيف يمكن لأحداث غير متوقعة أن تعيد تشكيل مستقبل أمة بأكملها.

تبدأ القصة مع حافظ الأسد، الرئيس الأب الذي حكم سوريا بقبضة من حديد لأكثر من ثلاثة عقود. كان حافظ يعد ابنه الأكبر باسل لخلافته، حيث أولاه اهتماماً خاصاً ورعاه ليصبح قائداً عسكرياً وسياسياً. كان باسل شاباً جذاباً يتمتع بالكاريزما والشعبية، وكان ينظر إليه على أنه الوريث الطبيعي للرئاسة. تم إعداده جيداً وتدريبه على إدارة شؤون الدولة، وكان يظهر في المناسبات العامة ويتحدث بثقة وحماس. كان كل شيء يسير وفق الخطة الموضوعة.

ولكن، كما يحدث غالباً في الحياة، القدر كان له رأي آخر. في عام 1994، لقي باسل الأسد مصرعه في حادث سيارة مأساوي، صدمت سوريا بأكملها. كان موته بمثابة كارثة حقيقية للنظام، الذي كان يعتمد عليه بشكل كبير في ضمان استمراريته. كان حافظ الأسد في موقف صعب للغاية، فقد فقد ابنه المدلل والوريث المنتظر، وكان عليه أن يجد بديلاً سريعاً وموثوقاً به لملء الفراغ الذي تركه باسل.

هنا، تدخل بشار الأسد إلى الصورة. كان بشار يعيش في لندن، حيث كان يدرس طب العيون ويتدرب ليصبح طبيباً. لم يكن مهتماً بالسياسة أو السلطة، وكان يحلم بحياة هادئة ومستقرة بعيداً عن صخب الحكم. لكن وفاة باسل قلبت حياته رأساً على عقب. استدعاه والده إلى سوريا، وكلفه بمهمة لم يكن مستعداً لها على الإطلاق: أن يصبح الوريث الجديد للرئاسة.

كانت هذه لحظة مفصلية في تاريخ سوريا. بشار، الشاب الخجول والمتواضع، وجد نفسه فجأة في قلب المشهد السياسي، مطالباً بتولي مسؤولية دولة بأكملها. لم يكن لديه خبرة سياسية أو عسكرية، ولم يكن لديه نفس الكاريزما والشعبية التي كان يتمتع بها شقيقه الراحل. كان يفتقر إلى التدريب والإعداد اللازمين لتولي منصب حساس مثل الرئاسة.

بدأ حافظ الأسد في إعداد بشار لخلافته، وأدخله في دورات تدريبية مكثفة في القيادة والإدارة. تم تعيينه في مناصب عسكرية وسياسية رفيعة، وتم تقديمه للجمهور كزعيم المستقبل. بذل حافظ كل ما في وسعه لضمان انتقال السلطة بسلاسة إلى ابنه الأصغر.

في عام 2000، توفي حافظ الأسد بعد صراع طويل مع المرض. كانت وفاة حافظ بمثابة نهاية حقبة وبداية حقبة جديدة في تاريخ سوريا. تم تنصيب بشار الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية، ليخلف والده في الحكم. ورث بشار نظاماً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً معقداً، وواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على الاستقرار والاستمرار في الحكم.

في بداية حكمه، أثار بشار الأسد بعض الآمال في الإصلاح والتغيير. تحدث عن الديمقراطية والتحديث والانفتاح الاقتصادي. سمح ببعض الحريات المحدودة، وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية. لكن هذه الآمال سرعان ما تبددت، حيث أظهر بشار أنه ليس مستعداً لإجراء إصلاحات حقيقية تهدد سلطته ونفوذ نظامه.

في عام 2011، اندلعت الاحتجاجات الشعبية في سوريا، متأثرة بموجة الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة. طالب المتظاهرون بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. رد نظام الأسد على هذه الاحتجاجات بالقمع والعنف، مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية مدمرة لا تزال مستمرة حتى اليوم.

تحول بشار الأسد، طبيب العيون الطموح، إلى طاغية لا يرحم، مستعد لفعل أي شيء للحفاظ على سلطته. استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، وقصف المدن والقرى، واعتقل وعذب الآلاف من المعارضين. تسببت الحرب الأهلية السورية في مقتل مئات الآلاف من الأشخاص، وتشريد الملايين، وتدمير البنية التحتية للبلاد.

لقد سطرت الصدفة مصير سوريا تحت حكم الأسد. لو لم يمت باسل الأسد في حادث سيارة، لكان بشار بقي طبيباً للعيون يعيش في لندن، ولم يكن ليصبح رئيساً لسوريا. لكن القدر كان له رأي آخر، وجعل من بشار الأسد حاكماً مستبداً يتحمل مسؤولية المأساة التي حلت بسوريا.

إن قصة بشار الأسد هي تذكير قوي بأن التاريخ مليء بالمفاجآت والتحولات غير المتوقعة. وأن الصدفة يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في تحديد مصير الأمم والشعوب. كما أنها تذكير بأهمية القيادة الرشيدة والمسؤولة، وكيف يمكن للقائد أن يصنع الفرق بين السلام والازدهار، وبين الحرب والدمار.

في النهاية، تبقى سوريا مثالاً صارخاً على كيف يمكن لحادث واحد أن يغير مسار التاريخ، ويحول طبيب عيون إلى طاغية، ويقود أمة بأكملها إلى الهاوية.

يُشجع المهتمون على مشاهدة الفيديو الأصلي على اليوتيوب على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=NogKEfagHvs

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا