تصاعد الحراك الإسرائيلي الرافض لحرب غزة ما مآلاته

تصاعد الحراك الإسرائيلي الرافض لحرب غزة: ما مآلاته؟

حرب غزة الأخيرة، وما صاحبها من قصف عنيف وتدمير واسع النطاق وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، لم تمر مرور الكرام داخل المجتمع الإسرائيلي. فبينما استمرت الحكومة في الترويج لروايتها الرسمية حول الحق في الدفاع عن النفس واجتثاث الإرهاب، تصاعدت أصوات معارضة داخل إسرائيل، ترفض الحرب وتنتقد أساليبها وتشكك في جدواها. هذا الحراك الإسرائيلي الرافض للحرب، والذي يعكسه جزئياً الفيديو المعنون تصاعد الحراك الإسرائيلي الرافض لحرب غزة ما مآلاته؟ (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=NFzxelHefNo)، يستحق الدراسة والتحليل، لفهم دوافعه ومكوناته وتأثيره المحتمل على مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

دوافع الحراك الإسرائيلي الرافض للحرب

لا يمكن اختزال دوافع الحراك الإسرائيلي الرافض لحرب غزة في سبب واحد، بل هي مزيج من العوامل الأخلاقية والسياسية والأمنية والاجتماعية. من بين هذه الدوافع:

• الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية: يرى جزء كبير من الإسرائيليين أن القصف العشوائي لغزة، والذي أدى إلى مقتل آلاف المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، هو عمل غير أخلاقي وغير إنساني. يشعر هؤلاء بالصدمة والغضب تجاه ما يرونه استخداماً مفرطاً للقوة وتجاهلاً لحياة الفلسطينيين. قد يكون لهذا الأمر علاقة بتغير في الوعي المجتمعي وتزايد الاهتمام بحقوق الإنسان.
• الشكوك في جدوى الحرب: حتى بين الإسرائيليين الذين يؤيدون فكرة الحق في الدفاع عن النفس، هناك شكوك متزايدة حول جدوى الحرب في تحقيق هذا الهدف. فبعد سنوات من العمليات العسكرية المتكررة على غزة، لا يزال حماس يسيطر على القطاع، ولا تزال الصواريخ تنطلق من غزة باتجاه إسرائيل. هذا يدفع البعض للتساؤل عما إذا كانت الحرب هي الحل الأمثل، أم أنها مجرد حلقة مفرغة من العنف لا تؤدي إلا إلى المزيد من المعاناة لكلا الطرفين.
• الخوف من تصاعد العنف وتوسع الصراع: يخشى العديد من الإسرائيليين من أن حرب غزة قد تؤدي إلى تصعيد العنف وتوسع الصراع إلى مناطق أخرى، مثل الضفة الغربية أو لبنان. كما يخشون من أن تؤدي الحرب إلى تدهور العلاقات مع الدول العربية وزيادة عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.
• التأثير الاقتصادي والاجتماعي للحرب: تتسبب الحروب في غزة في خسائر اقتصادية كبيرة لإسرائيل، بالإضافة إلى تعطيل الحياة اليومية وتأثيرها على الصحة النفسية للمواطنين. هذه العوامل تدفع البعض إلى التفكير في بدائل سلمية للصراع.
• المعارضة السياسية والأيديولوجية: هناك أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني إسرائيلية تعارض الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتدعو إلى حل الدولتين. هذه الجهات تنظر إلى حرب غزة على أنها نتيجة مباشرة للاحتلال، وأن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

مكونات الحراك الإسرائيلي الرافض للحرب

لا يقتصر الحراك الإسرائيلي الرافض للحرب على فئة معينة من المجتمع، بل يشمل مجموعة متنوعة من الأفراد والمجموعات، بما في ذلك:

• منظمات حقوق الإنسان: تلعب منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية دوراً هاماً في توثيق الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل خلال الحرب، وتقديم الدعم القانوني للضحايا، والتوعية بقضايا حقوق الإنسان.
• نشطاء السلام: ينظم نشطاء السلام مظاهرات واعتصامات احتجاجاً على الحرب، ويدعون إلى وقف إطلاق النار وإلى حل سياسي للصراع.
• صحفيون وكتاب: ينتقد بعض الصحفيين والكتاب الإسرائيليين سياسات الحكومة تجاه غزة، ويسلطون الضوء على معاناة الفلسطينيين، ويدعون إلى تغيير الخطاب العام حول الصراع.
• أكاديميون وباحثون: يقوم أكاديميون وباحثون إسرائيليون بإجراء دراسات وأبحاث حول أسباب الصراع ونتائجه، ويقدمون توصيات للحلول السياسية.
• مواطنون عاديون: يعبر العديد من المواطنين الإسرائيليين عن رفضهم للحرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال المشاركة في فعاليات احتجاجية صغيرة.
• جنود سابقون: بعض الجنود الإسرائيليين السابقين الذين خدموا في غزة يعبرون عن ندمهم على المشاركة في الحرب، ويشاركون في فعاليات تهدف إلى التوعية بتبعات الاحتلال.

مآلات الحراك الإسرائيلي الرافض للحرب

من الصعب التنبؤ بالمآلات النهائية للحراك الإسرائيلي الرافض للحرب، ولكن يمكن تحديد بعض السيناريوهات المحتملة:

• زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية: قد يؤدي تصاعد الحراك الرافض للحرب إلى زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتغيير سياساتها تجاه غزة، والبحث عن حلول سياسية للصراع.
• تغيير الرأي العام الإسرائيلي: قد يساهم الحراك في تغيير الرأي العام الإسرائيلي تجاه الصراع، وزيادة الوعي بمعاناة الفلسطينيين، وتشجيع الحوار حول مستقبل العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
• تأثير محدود على السياسات الحكومية: قد لا يكون للحراك تأثير كبير على السياسات الحكومية، خاصة في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة ترفض أي تنازلات للفلسطينيين.
• قمع الحراك: قد تلجأ الحكومة الإسرائيلية إلى قمع الحراك الرافض للحرب، من خلال اعتقال النشطاء وفرض قيود على حرية التعبير.
• اندماج الحراك في حركة أوسع: قد يندمج الحراك الإسرائيلي الرافض للحرب في حركة أوسع نطاقاً، تضم منظمات وحركات دولية تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

في الختام، يمثل الحراك الإسرائيلي الرافض لحرب غزة ظاهرة مهمة تستحق المتابعة والتحليل. على الرغم من التحديات التي تواجه هذا الحراك، إلا أنه يمثل بصيص أمل في إمكانية تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان هذا الحراك سيتمكن من تحقيق تغيير حقيقي على أرض الواقع، أم أنه سيظل مجرد صوت هامشي في المجتمع الإسرائيلي.