الخارجية الأمريكية من المفيد أن توقف روسيا وإيران نفوذهما المزعزع للاستقرار بسوريا

الخارجية الأمريكية وتصعيد اللهجة تجاه روسيا وإيران في سوريا: تحليل معمق

يشكل الفيديو المنشور على يوتيوب بعنوان الخارجية الأمريكية من المفيد أن توقف روسيا وإيران نفوذهما المزعزع للاستقرار بسوريا والذي يمكن الوصول إليه عبر الرابط https://www.youtube.com/watch?v=T7kkPQ3UtS4، وثيقة مهمة لفهم الموقف الأمريكي المتصاعد تجاه الدورين الروسي والإيراني في الأزمة السورية. هذا التصريح، الذي صدر عن متحدث رسمي باسم الخارجية الأمريكية، يعكس ليس فقط قلق واشنطن من الوضع الراهن في سوريا، بل أيضاً استراتيجية جديدة أو مُعدَّلة للتعامل مع هذا الملف المعقد.

من الضروري في البداية تحليل اللغة المستخدمة في التصريح. وصف النفوذ الروسي والإيراني بأنه مزعزع للاستقرار يحمل دلالات قوية. فهو لا يشير فقط إلى عدم رضا الولايات المتحدة عن تدخل هاتين الدولتين في الشأن السوري، بل يتهمهما أيضاً بالتسبب في تفاقم الأزمة وإطالة أمدها. هذه اللغة التصعيدية عادة ما تسبق خطوات عملية أو سياسية تهدف إلى الضغط على الأطراف المعنية.

أبعاد النفوذ الروسي والإيراني في سوريا:

لفهم مدى أهمية التصريح الأمريكي، يجب أولاً تحليل طبيعة النفوذ الروسي والإيراني في سوريا، وكيف تراه الولايات المتحدة. يمكن تلخيص هذه الأبعاد في النقاط التالية:

• الدعم العسكري والسياسي لنظام الأسد: يعتبر الدعم العسكري والسياسي الذي قدمته روسيا وإيران لنظام بشار الأسد، ولا يزالان يقدمانه، حجر الزاوية في هذا النفوذ. روسيا، من خلال تدخلها العسكري المباشر منذ عام 2015، أنقذت النظام من السقوط المحتوم وغيرت مسار الحرب الأهلية بشكل كبير. إيران، من خلال دعمها المالي والعسكري للميليشيات الشيعية، ساهمت في تعزيز قوة النظام على الأرض. هذا الدعم، من وجهة نظر الولايات المتحدة، أدى إلى إطالة أمد الحرب والمعاناة الإنسانية.
• التواجد العسكري الدائم: حافظت روسيا وإيران على وجود عسكري دائم في سوريا، من خلال قواعد عسكرية ومنشآت لوجستية. هذا الوجود يمنحهما القدرة على التأثير في الأحداث على الأرض، وعلى حماية مصالحهما في المنطقة. الولايات المتحدة تعتبر هذا الوجود تهديداً لأمن حلفائها في المنطقة، وتقويضاً لجهودها في مكافحة الإرهاب.
• التأثير الاقتصادي: تسعى روسيا وإيران إلى تعزيز نفوذهما الاقتصادي في سوريا، من خلال الاستثمار في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والبنية التحتية. هذا التأثير الاقتصادي يمنحهما القدرة على التأثير في السياسات الداخلية السورية، وعلى ربط الاقتصاد السوري باقتصاديهما. الولايات المتحدة ترى في هذا التأثير الاقتصادي محاولة لفرض هيمنة روسية إيرانية على سوريا، وإقصاء الشركات الغربية.
• التأثير الثقافي والديني: تسعى إيران بشكل خاص إلى تعزيز نفوذها الثقافي والديني في سوريا، من خلال بناء المساجد والحسينيات، ونشر المذهب الشيعي. هذا التأثير الثقافي والديني يثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها، الذين يرون فيه محاولة لتغيير التركيبة السكانية في سوريا، وإشعال الفتنة الطائفية.

أسباب التصعيد الأمريكي:

ما هي الأسباب التي دفعت الخارجية الأمريكية إلى التصعيد في لهجتها تجاه روسيا وإيران في هذا التوقيت تحديداً؟ يمكن إرجاع ذلك إلى عدة عوامل:

• الجمود في العملية السياسية: على الرغم من الجهود الدولية المتواصلة، لا تزال العملية السياسية في سوريا تراوح مكانها. الولايات المتحدة ترى أن روسيا وإيران تعرقلان هذه العملية، من خلال دعمهما المطلق لنظام الأسد، ورفضهما تقديم تنازلات حقيقية.
• استمرار الأزمة الإنسانية: لا تزال الأزمة الإنسانية في سوريا تتفاقم، مع نزوح الملايين من السوريين، وتدهور الأوضاع المعيشية. الولايات المتحدة تتهم روسيا وإيران بالتسبب في هذه الأزمة، من خلال دعمهما للنظام الذي يشن حملة عسكرية واسعة النطاق ضد شعبه.
• التهديد الذي يشكله تنظيم داعش: على الرغم من هزيمة تنظيم داعش في سوريا والعراق، إلا أنه لا يزال يمثل تهديداً أمنياً. الولايات المتحدة ترى أن روسيا وإيران لا تبذلان جهوداً كافية لمكافحة هذا التنظيم، بل تستغلان وجوده لتبرير تدخلهما في سوريا.
• تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة: تشعر الولايات المتحدة بالقلق من تزايد النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا والعراق ولبنان واليمن. تعتبر الولايات المتحدة أن إيران تسعى إلى بناء هلال شيعي يمتد من طهران إلى بيروت، ويهدد مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة.

الخيارات الأمريكية المتاحة:

ما هي الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة للحد من النفوذ الروسي والإيراني في سوريا؟ يمكن تلخيص هذه الخيارات في النقاط التالية:

• الضغط الدبلوماسي: يمكن للولايات المتحدة ممارسة المزيد من الضغط الدبلوماسي على روسيا وإيران، من خلال فرض عقوبات اقتصادية، وعزلهم سياسياً.
• الدعم العسكري للمعارضة السورية: يمكن للولايات المتحدة زيادة دعمها العسكري للمعارضة السورية، من خلال تزويدها بالأسلحة والمعدات اللازمة لمواجهة النظام والقوات الروسية والإيرانية.
• تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في سوريا: يمكن للولايات المتحدة تعزيز وجودها العسكري في سوريا، من خلال إرسال المزيد من القوات، وإنشاء قواعد عسكرية جديدة.
• العمل مع الحلفاء: يمكن للولايات المتحدة العمل مع حلفائها في المنطقة، مثل تركيا وإسرائيل ودول الخليج، للحد من النفوذ الروسي والإيراني في سوريا.

التحديات المحتملة:

تواجه الولايات المتحدة تحديات كبيرة في محاولتها للحد من النفوذ الروسي والإيراني في سوريا. من بين هذه التحديات:

• الدعم الروسي والإيراني القوي لنظام الأسد: يتمتع نظام الأسد بدعم قوي من روسيا وإيران، اللتين لن تتخليا عنه بسهولة.
• المصالح المتضاربة للأطراف المعنية: تختلف مصالح الأطراف المعنية في سوريا، مما يجعل من الصعب التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
• الوضع الإنساني المتدهور: يتطلب الوضع الإنساني المتدهور في سوريا بذل جهود كبيرة لتقديم المساعدات الإنسانية، وتوفير الحماية للمدنيين.
• التهديد الذي يشكله تنظيم داعش: لا يزال تنظيم داعش يمثل تهديداً أمنياً، مما يتطلب بذل جهود متواصلة لمكافحته.

الخلاصة:

تصريح الخارجية الأمريكية يعكس تصعيداً في اللهجة تجاه روسيا وإيران، ويعبر عن قلق متزايد من النفوذ المتنامي لهاتين الدولتين في سوريا. هذا التصعيد قد يمهد لخطوات عملية تهدف إلى الضغط على روسيا وإيران، وإجبارهما على تقديم تنازلات في الملف السوري. ومع ذلك، تواجه الولايات المتحدة تحديات كبيرة في محاولتها للحد من النفوذ الروسي والإيراني في سوريا، نظراً للدعم القوي الذي يتمتع به نظام الأسد من هاتين الدولتين، وللمصالح المتضاربة للأطراف المعنية، وللوضع الإنساني المتدهور، والتهديد الذي يشكله تنظيم داعش. يبقى أن نرى ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنجح في تحقيق أهدافها في سوريا، أم أن الأزمة ستستمر في التفاقم.