برهان غليون للتلفزيون العربي تقع علينا وحدنا كسوريين مسؤولية صيانة استقلالنا
برهان غليون: مسؤولية صيانة استقلال سوريا تقع على عاتق السوريين وحدهم
في مقابلة متلفزة على قناة التلفزيون العربي، يطرح المفكر والأكاديمي السوري البارز برهان غليون رؤيته العميقة حول مستقبل سوريا ومسؤولية السوريين تجاه بلدهم. يؤكد غليون، في تحليله المطول والمفصل، على أن صيانة استقلال سوريا ووحدتها الترابية هي مسؤولية تقع على عاتق السوريين وحدهم، بغض النظر عن التدخلات الخارجية أو التعقيدات الإقليمية والدولية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
يدأ غليون تحليله بالتأكيد على أن الأزمة السورية، بكل ما حملته من مآسٍ ودمار، قد كشفت عن هشاشة البنية الداخلية للمجتمع السوري، وعن عمق الانقسامات والتصدعات التي كانت كامنة تحت السطح. ويرى أن التدخلات الخارجية، على اختلاف أنواعها ودوافعها، قد استغلت هذه الهشاشة وتلك الانقسامات لتأجيج الصراع وتعميق الأزمة، وصولاً إلى الوضع الكارثي الذي تعيشه سوريا اليوم.
لكن غليون يشدد على أن إلقاء اللوم بشكل كامل على التدخلات الخارجية هو تبسيط مخلٍّ للواقع، وتهرب من المسؤولية الحقيقية. ففي رأيه، تقع المسؤولية الأساسية على عاتق السوريين أنفسهم، الذين لم يتمكنوا من بناء دولة وطنية جامعة تحظى بشرعية شعبية واسعة، ولم يتمكنوا من تجاوز الانقسامات الطائفية والإثنية والمناطقية التي تهدد وحدة البلاد. ويرى أن هذه الانقسامات لم تكن وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات تاريخية وسياسية واجتماعية طويلة الأمد، لم يتمكن السوريون من معالجتها بشكل جذري وفعال.
ويؤكد غليون أن صيانة استقلال سوريا ووحدتها الترابية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال بناء دولة ديمقراطية حديثة، تقوم على أسس المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان. ويرى أن هذه الدولة يجب أن تكون قادرة على احتواء جميع مكونات المجتمع السوري، وتمثيل مصالحهم وتطلعاتهم بشكل عادل ومنصف. ويشدد على أن بناء هذه الدولة يتطلب جهوداً مضنية وتضحيات جسيمة من جميع السوريين، ويتطلب أيضاً تجاوز الأحقاد والضغائن التي خلفتها سنوات الصراع المرير.
ويرفض غليون فكرة الحلول الجاهزة أو الوصفات المستوردة من الخارج، ويرى أن الحل السوري يجب أن يكون سورياً خالصاً، ينبع من داخل المجتمع السوري، ويعبر عن إرادة السوريين أنفسهم. ويؤكد أن التدخلات الخارجية، مهما كانت حسنة النية، لا يمكن أن تحل محل الإرادة السورية، ولا يمكن أن تفرض على السوريين نموذجاً لا يعبر عن هويتهم وتطلعاتهم. ويرى أن الدور الحقيقي للمجتمع الدولي يجب أن يقتصر على تقديم الدعم والمساعدة للسوريين، وتمكينهم من بناء مستقبلهم بأنفسهم.
ويستعرض غليون في تحليله العقبات والتحديات التي تواجه السوريين في طريقهم نحو بناء مستقبل أفضل. ويشير إلى أن هذه العقبات لا تقتصر على التدخلات الخارجية والتعقيدات الإقليمية والدولية، بل تشمل أيضاً الانقسامات الداخلية العميقة، وتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، وانتشار الفساد والمحسوبية، وغياب الثقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري. ويرى أن تجاوز هذه العقبات يتطلب جهداً جماعياً شاملاً، يشارك فيه جميع السوريين، ويتطلب أيضاً قيادة حكيمة ورشيدة قادرة على توحيد الصفوف وتعبئة الطاقات.
ويشدد غليون على أهمية الحوار والتواصل بين مختلف مكونات المجتمع السوري، ويرى أن الحوار هو السبيل الوحيد لتجاوز الانقسامات والتصدعات، وبناء الثقة المتبادلة. ويؤكد أن الحوار يجب أن يكون شاملاً وصريحاً وشفافاً، وأن يشارك فيه جميع السوريين، دون استثناء أو إقصاء. ويرى أن الحوار يجب أن يهدف إلى التوصل إلى رؤية مشتركة لمستقبل سوريا، وإلى وضع أسس دولة ديمقراطية حديثة قادرة على تحقيق العدالة والمساواة والحرية لجميع السوريين.
ويرى غليون أن الشباب السوري هم الأمل الحقيقي في بناء مستقبل أفضل لسوريا. ويؤكد أن الشباب هم الأكثر تضرراً من الأزمة السورية، وهم الأكثر وعياً بضرورة التغيير والإصلاح. ويرى أن الشباب يجب أن يلعبوا دوراً قيادياً في عملية بناء سوريا الجديدة، وأن يساهموا بأفكارهم وطاقاتهم في تحقيق التنمية والازدهار. ويشدد على أن تمكين الشباب وتوفير الفرص لهم هو استثمار في مستقبل سوريا، وهو ضمان لاستمراريتها واستقرارها.
ويختتم غليون تحليله بالتأكيد على أن مستقبل سوريا هو في أيدي السوريين أنفسهم. ويؤكد أن السوريين قادرون على تجاوز الأزمة وبناء مستقبل أفضل لبلدهم، إذا ما توفرت لديهم الإرادة والعزيمة والوحدة. ويرى أن صيانة استقلال سوريا ووحدتها الترابية هي مسؤولية تاريخية تقع على عاتق جميع السوريين، وأنهم يجب أن يتحملوا هذه المسؤولية بكل جدية وإخلاص. ويؤكد أن سوريا تستحق الأفضل، وأن السوريين قادرون على تحقيق الأفضل، إذا ما عملوا معاً وبإخلاص وتفانٍ.
يُعد تحليل برهان غليون دعوة صريحة ومباشرة للسوريين لتحمل مسؤولياتهم التاريخية تجاه بلدهم. إنه دعوة إلى الوحدة والتكاتف والتغلب على الانقسامات، وبناء مستقبل أفضل لسوريا، مستقبل يسوده العدل والحرية والمساواة.
مقالات مرتبطة