معنى قوله تعالى ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين

تفسير قوله تعالى: ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين

القرآن الكريم هو معجزة الله الخالدة، وهو النور الذي يهدي به الله من يشاء من عباده. لكن على مر العصور، واجه القرآن الكريم تحديات جمة من قبل المشككين والكافرين الذين حاولوا بشتى الطرق الطعن في رسالته ونبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. من بين الآيات التي تتناول هذا الجانب، تبرز الآية الكريمة في سورة الأنعام: وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (الأنعام: 7). هذه الآية تحمل في طياتها معاني عميقة تكشف عن طبيعة العناد والجحود التي تتلبس قلوب الكافرين، وكيف أنهم حتى لو رأوا معجزة حسية ملموسة، فإنهم لن يؤمنوا بها وسيجدون لها تأويلاً باطلاً لتبرير كفرهم.

سنحاول في هذا المقال، مسترشدين بتفسيرات العلماء والمفكرين، استكشاف هذه الآية الكريمة، والغوص في معانيها، وفهم السياق الذي نزلت فيه، والدروس المستفادة منها في حياتنا المعاصرة. كما أننا سنرجع إلى الفيديو المذكور في السؤال، وهو: https://www.youtube.com/watch?v=crVl9H2WsJ8، لمحاولة استخلاص النقاط الرئيسية التي تم طرحها فيه ومناقشتها.

السياق العام للآية

نزلت سورة الأنعام في مكة المكرمة، وهي سورة مكية تعالج قضايا التوحيد، والرسالة، واليوم الآخر، والرد على شبهات المشركين. تأتي الآية التي نتناولها في سياق الحديث عن عناد المشركين وإصرارهم على الكفر، رغم ظهور الآيات والبراهين الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم. لقد طلب المشركون من النبي صلى الله عليه وسلم معجزات حسية مادية، مثل أن ينزل عليهم كتاب من السماء مكتوبًا، حتى يؤمنوا به. فرد الله عليهم في هذه الآية، بأنهم حتى لو تحققت هذه المعجزة التي طلبوها، ورأوا الكتاب ينزل من السماء مكتوبًا على قرطاس، ولمسوه بأيديهم، فإنهم لن يؤمنوا وسيقولون: إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.

التفسير اللغوي للآية

• وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ: كلمة قرطاس تعني الصحيفة أو الورقة التي يكتب عليها. والمعنى هنا: ولو أنزلنا عليك يا محمد كتابًا مكتوبًا في صحيفة أو ورقة من السماء.
• فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ: أي أنهم رأوا الكتاب ينزل من السماء، ولمسوه بأيديهم، وتأكدوا من وجوده المادي.
• لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ: أي لقال الذين جحدوا الحق وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: ما هذا الذي نراه ونلمسه إلا سحر واضح بين.

المعنى الإجمالي للآية

توضح الآية الكريمة أن الكفر ليس نتيجة نقص في الأدلة أو المعجزات، بل هو نتيجة إعراض القلب وعناد النفس. فالكافر لا ينقصه الدليل، بل ينقصه الاستعداد للإيمان. وحتى لو رأى الكافر معجزة حسية ملموسة، فإنه سيجد لها تأويلاً باطلاً ليبرر كفره وعناده. وفي هذه الحالة، سيقول الكافر إن هذه المعجزة ليست إلا سحرًا مبينًا، أي سحرًا واضحًا لا يخفى على أحد.

الآية لا تنفي إمكانية وقوع المعجزات، بل تؤكد على أن المعجزة وحدها لا تكفي لهداية الكافر إذا كان قلبه مريضًا. فالإيمان هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده، وهو ثمرة للاستعداد النفسي والبحث عن الحق والتجرد من الهوى.

الدروس المستفادة من الآية

1. عناد الكافرين وجحودهم للحق: الآية تكشف عن طبيعة العناد والجحود التي تتلبس قلوب الكافرين، وكيف أنهم يرفضون الحق حتى لو ظهرت لهم الأدلة والبراهين الواضحة.
2. أهمية الاستعداد النفسي للإيمان: الإيمان ليس مجرد تصديق عقلي، بل هو استعداد نفسي لقبول الحق والتسليم به. فالكافر قد يرى الدليل، ولكنه لا يؤمن به لأنه لا يريد أن يؤمن.
3. المعجزة وحدها لا تكفي للهداية: المعجزة هي وسيلة من وسائل هداية الناس، ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة. فالإيمان هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده، وهو ثمرة للاستعداد النفسي والبحث عن الحق والتجرد من الهوى.
4. خطورة التأويل الباطل للحق: الكافرون يلجأون إلى التأويل الباطل للحق لتبرير كفرهم وعنادهم. وهذا التأويل الباطل يضلهم ويضل غيرهم.
5. وجوب التفكر والتدبر في آيات الله: القرآن الكريم مليء بالآيات التي تدعو إلى التفكر والتدبر. وهذا التفكر والتدبر يقود إلى الإيمان واليقين.

مناقشة محتوى الفيديو (https://www.youtube.com/watch?v=crVl9H2WsJ8)

بالرجوع إلى الفيديو المذكور أعلاه، يمكننا استخلاص بعض النقاط الرئيسية التي تناولها المتحدث والتي قد تشمل:

• التركيز على فكرة التسليم: قد يكون المتحدث ركز على أهمية التسليم لله عز وجل وأن المشكلة الأساسية تكمن في عدم وجود هذا التسليم لدى الكافرين، فلو كان هناك استعداد للتسليم وقبول الحق، لكان الإيمان أسهل حتى مع وجود بعض الشبهات.
• توضيح مفهوم السحر: ربما قام المتحدث بتوضيح مفهوم السحر في ذلك الزمان، وكيف كان يستخدم لتفسير الأمور الخارقة التي لا يستطيعون فهمها. وبالتالي، فقولهم سحر مبين هو نوع من الهروب من الاعتراف بالحق.
• التأكيد على أن الآية موجهة للمشركين: من المحتمل أن يكون الفيديو قد أكد على أن هذه الآية موجهة بشكل خاص للمشركين في مكة، الذين كانوا يطلبون معجزات حسية مادية ليؤمنوا، ولكن الله يعلم أنهم حتى لو رأوا هذه المعجزات، فلن يؤمنوا.
• ربط الآية بواقعنا المعاصر: قد يكون المتحدث حاول ربط الآية بواقعنا المعاصر، وكيف أن هناك أناسًا اليوم يرون الأدلة والبراهين على صدق الإسلام، ولكنهم يرفضون الإيمان بسبب العناد أو اتباع الهوى أو الخوف من المجتمع.

بالطبع، هذه مجرد توقعات بناءً على السياق العام للآية، ويجب مشاهدة الفيديو نفسه للحصول على فهم كامل وشامل لما تم طرحه فيه. من المهم أيضًا مقارنة آراء المتحدث في الفيديو بتفسيرات العلماء المعتبرين للتأكد من صحة المعلومات المقدمة.

خلاصة

الآية الكريمة وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ هي تذكير دائم بطبيعة العناد والجحود التي قد تتملك بعض القلوب. وهي دعوة لنا للتفكر في آيات الله، والبحث عن الحق، والتجرد من الهوى، والاستعداد النفسي للإيمان، حتى لا نكون ممن قال الله فيهم: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ. نسأل الله أن يهدينا جميعًا إلى صراطه المستقيم.