معنى قوله تعالى يوم الحج الأكبر وقوله تعالى لله الحجة البالغة وأذن فالناس بالحج
تفسير آيات الحج: يوم الحج الأكبر، الحجة البالغة، والإذن العام
يتناول هذا المقال تفسيرًا معمقًا لثلاث آيات قرآنية كريمة ورد ذكرها في فيديو اليوتيوب المعنون معنى قوله تعالى يوم الحج الأكبر وقوله تعالى لله الحجة البالغة وأذن فالناس بالحج (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=siQGWIsqWR4). هذه الآيات، على قصرها، تحمل معاني عظيمة وتتعلق بركن عظيم من أركان الإسلام وهو الحج، وما يتصل به من مقاصد ومرامٍ. سنتناول كل آية على حدة، ثم نربط بينها لنستخلص فهمًا أعمق لهذه المفاهيم القرآنية المتعلقة بالحج.
يوم الحج الأكبر
قوله تعالى: يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ (التوبة: 3). هذه الآية الكريمة تثير تساؤلات حول أي يوم من أيام الحج هو المقصود بـ يوم الحج الأكبر. هناك أقوال متعددة للمفسرين في تحديد هذا اليوم، ويمكن تلخيص أبرزها فيما يلي:
- يوم النحر (يوم عيد الأضحى): وهذا هو القول الأرجح والأكثر شيوعًا بين المفسرين. ويرجع ذلك إلى أن معظم أعمال الحج الأساسية تجتمع في هذا اليوم، مثل رمي جمرة العقبة، والنحر (ذبح الأضاحي)، والحلق أو التقصير، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة لمن لم يكن قد سعى من قبل. ففيه من شعائر الحج ما ليس في غيره.
- يوم عرفة: ذهب بعض المفسرين إلى أن يوم الحج الأكبر هو يوم عرفة، وذلك لأهمية الوقوف بعرفة باعتباره الركن الأعظم للحج، فمن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج. كما أن يوم عرفة هو يوم إفاضة الخير والبركة والرحمة من الله على عباده.
- جميع أيام الحج: يرى فريق آخر من العلماء أن المقصود بيوم الحج الأكبر هو جميع أيام الحج، أي من أول أيام ذي الحجة إلى آخرها. وذلك لأن هذه الأيام كلها مخصصة لأداء مناسك الحج وشعائره.
وبالنظر إلى هذه الأقوال المتعددة، يتبين أن القول بأن يوم النحر هو يوم الحج الأكبر هو الأقرب إلى الصواب، وذلك لعدة اعتبارات: أولاً، كما ذكرنا، تجتمع فيه معظم أعمال الحج. ثانيًا، أنه اليوم الذي يتحلل فيه الحاج من معظم إحرامه. ثالثًا، أن لفظ الأكبر يدل على تفضيل هذا اليوم على غيره من أيام الحج، وهذا التفضيل يظهر بوضوح في كثرة الأعمال التي تؤدى فيه. أما يوم عرفة، فمع أهميته العظيمة، إلا أنه يمثل جزءًا من أعمال الحج وليس كله. وبالنسبة لجميع أيام الحج، فإنه من الصحيح أن هذه الأيام مخصصة للحج، إلا أن يوم النحر يتميز عنها بخصوصيته وتفرده.
أما دلالة وصف الأكبر، فهي تدل على عظم شأن الحج وأهميته في الإسلام، وأنه فريضة عظيمة يجتمع فيها المسلمون من كل حدب وصوب ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات. كما يدل على أن هذا اليوم هو يوم إعلان البراءة من المشركين ونبذ عهودهم، كما ورد في سياق الآية في سورة التوبة.
لله الحجة البالغة
قوله تعالى: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ (الأنعام: 149). هذه الآية تتضمن تأكيدًا قاطعًا على أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الحجة القوية الواضحة التي لا تدع مجالًا للشك أو الاعتراض. فالله تعالى قد بين لعباده طريق الحق وأرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب وأقام عليهم الحجج والبراهين، فلم يبق لهم عذرًا ولا حجة يعتذرون بها أمامه يوم القيامة.
ومعنى الحجة البالغة هو الحجة التامة الكاملة التي وصلت إلى أقصى درجات الوضوح والبيان، بحيث لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يجحدها. وقد ذكر المفسرون عدة معانٍ لهذه الحجة البالغة، منها:
- القرآن الكريم: فالقرآن هو كلام الله المعجز الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو حجة قاطعة على صدق رسالته وعلى وحدانية الله تعالى وعلى جميع ما جاء به من أحكام وتعاليم.
- الرسل والأنبياء: فقد أرسل الله الرسل والأنبياء إلى جميع الأمم ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وقد أيدهم بالمعجزات والبراهين التي تدل على صدقهم، فهم حجج الله على خلقه.
- العقل والفطرة: فقد وهب الله الإنسان العقل الذي يميز به بين الحق والباطل والخير والشر، كما فطر الإنسان على معرفة الله والإيمان به، فهذه الفطرة السليمة والعقل الراجح هما حجتان قائمتان على كل إنسان.
- الآيات الكونية: فالكون وما فيه من آيات تدل على عظمة الخالق وقدرته وحكمته، فالسماء والأرض والجبال والبحار والأشجار والحيوانات كلها شواهد على وجود الله ووحدانيته، وهي حجج قائمة على كل من يتأمل فيها ويتدبر معانيها.
والمقصود من هذه الآية هو بيان أن الله تعالى قد أقام الحجة على جميع خلقه، وأنه لا يمكن لأحد أن يعتذر يوم القيامة بجهله أو عدم علمه بالحق، فالله تعالى قد بين له الحق وأرسل إليه الرسل وأنزل عليه الكتب وأعطاه العقل والفطرة، فلم يبق له عذرًا. وهذا يقتضي من الإنسان أن يبحث عن الحق ويسعى إليه وأن يتبع ما جاء به الرسل وأن يعمل بما أنزل الله من أحكام وتعاليم، حتى يكون من الفائزين في الدنيا والآخرة.
وأذن في الناس بالحج
قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (الحج: 27). هذه الآية الكريمة هي أمر من الله تعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام بأن يعلن للناس عن فريضة الحج وأن يدعوهم إلى زيارة بيته الحرام. وقد امتثل إبراهيم عليه السلام لأمر ربه وصعد على جبل أبي قبيس وأذن في الناس بالحج، فسمع صوته كل من كتب الله له أن يحج إلى بيته الحرام. وقد استجاب الناس لدعوة إبراهيم عليه السلام وما زالوا يستجيبون لها إلى يومنا هذا، وسيظلون يستجيبون لها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ومعنى أذن في الناس بالحج هو نادِ وأعلم وأعلن في الناس عن فريضة الحج وعن وجوب زيارة بيت الله الحرام. وقد جاء التعبير بـ أذن للدلالة على العموم والشمول، أي أن هذا النداء موجه إلى جميع الناس في كل زمان ومكان. وقد جاء التعبير بـ الحج للدلالة على أن هذا النداء هو دعوة إلى أداء فريضة الحج وما تتضمنه من شعائر وعبادات.
وقوله تعالى: يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يدل على أن الناس سيأتون إلى الحج من كل مكان، سواء كانوا رجالًا يمشون على أقدامهم أو كانوا راكبين على الإبل الضعيفة الهزيلة من طول السفر وبعد المسافة. وقوله تعالى: يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يدل على أنهم سيأتون من كل طريق بعيد وواسع. وهذا يدل على عظمة فريضة الحج وعلى شوق الناس إلى زيارة بيت الله الحرام وعلى استعدادهم لبذل كل غالٍ ونفيس في سبيل أداء هذه الفريضة.
وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الحج هو فريضة عالمية تخاطب جميع الناس في كل زمان ومكان، وأنها ليست مقتصرة على قوم دون قوم أو على بلد دون بلد. كما تدل على أن الحج هو رمز للوحدة الإسلامية والتآخي بين المسلمين، حيث يجتمع المسلمون من كل أنحاء العالم في مكان واحد وفي زمان واحد ليؤدوا مناسك الحج وليذكروا اسم الله وليتوجهوا إليه بالدعاء والتضرع.
الربط بين الآيات
بالنظر إلى هذه الآيات الثلاث، نجد أنها تتكامل فيما بينها لتعطينا صورة واضحة عن فريضة الحج وعن أهميتها وعن مقاصدها. فقوله تعالى: يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يدل على عظمة الحج وأهميته في الإسلام، وأن يوم النحر هو يوم عظيم يجتمع فيه المسلمون ليؤدوا مناسك الحج وليشهدوا منافع لهم. وقوله تعالى: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ يدل على أن الله تعالى قد أقام الحجة على جميع خلقه، وأنه لا يمكن لأحد أن يعتذر يوم القيامة بجهله أو عدم علمه بالحق، وهذا يقتضي من الإنسان أن يبحث عن الحق ويسعى إليه وأن يتبع ما جاء به الرسل وأن يعمل بما أنزل الله من أحكام وتعاليم. وقوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يدل على أن الحج هو فريضة عالمية تخاطب جميع الناس في كل زمان ومكان، وأنها ليست مقتصرة على قوم دون قوم أو على بلد دون بلد، وأن الحج هو رمز للوحدة الإسلامية والتآخي بين المسلمين.
إذًا، فالحج الأكبر هو اليوم الذي تتجلى فيه عظمة الله وقدرته ووحدانيته، وهو اليوم الذي يجتمع فيه المسلمون من كل حدب وصوب ليؤدوا مناسك الحج وليشهدوا منافع لهم وليذكروا اسم الله وليتوجهوا إليه بالدعاء والتضرع. وفي هذا اليوم تتجلى الحجة البالغة لله تعالى، حيث يرى المسلمون بأعينهم عظمة الإسلام وقوته ووحدته، ويرون كيف استجاب الناس لدعوة إبراهيم عليه السلام وما زالوا يستجيبون لها إلى يومنا هذا. فالحج هو تذكير دائم بالحجة البالغة لله تعالى وبوجوب الاستسلام لأمره والعمل بما أنزل من أحكام وتعاليم.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لفهم كتابه الكريم وأن يعيننا على العمل بأحكامه وتعاليمه، وأن يرزقنا حج بيته الحرام وأن يجعلنا من الفائزين في الدنيا والآخرة.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة