هل يحتوى الكتاب على المحكم و المتشابه او هل الكتاب كله محكم او كله متشابه إعرف الإختلاف
هل يحتوى الكتاب على المحكم والمتشابه أو هل الكتاب كله محكم أو كله متشابه؟ تحليل لمفهوم الإحكام والتشابه في القرآن الكريم
يشكل مفهوم المحكم والمتشابه في القرآن الكريم محورًا أساسيًا في فهم النص القرآني وتفسيره، ويُعد من أكثر المسائل التي أثارت جدلاً واسعًا بين العلماء والمفكرين عبر العصور. الفيديو المعنون هل يحتوى الكتاب على المحكم والمتشابه أو هل الكتاب كله محكم أو كله متشابه؟ إعرف الإختلاف ( https://www.youtube.com/watch?v=qDscyPcHPtg ) يسعى إلى استكشاف هذه القضية المعقدة وتقديم رؤى حول الاختلافات في وجهات النظر حولها.
لفهم هذا الموضوع بشكل أعمق، يجب أولاً تحديد المقصود بالمحكم والمتشابه في السياق القرآني. يمكن تعريف المحكم بأنه الآيات الواضحة الدلالة، القاطعة المعنى، التي لا تحتمل تأويلات متعددة أو تفسيرات مختلفة. أما المتشابه فهو الآيات التي تحتمل وجوهًا متعددة من المعاني، أو التي تحتاج إلى تفسير وتأويل لفهم مراد الله منها. وقد تكون هذه الآيات مجازية، أو رمزية، أو تتناول أمورًا غيبية لا يمكن إدراكها بالعقل البشري وحده.
إن وجود المحكم والمتشابه في القرآن الكريم ليس محل خلاف بين جمهور العلماء. فالآية القرآنية الكريمة في سورة آل عمران، الآية 7، تنص صراحة على ذلك: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ.
لكن الخلاف يكمن في تحديد الآيات التي تندرج تحت أي من التصنيفين، وفي كيفية التعامل مع الآيات المتشابهة. هل يجب تركها وعدم الخوض في تأويلها، أم يجوز للراسخين في العلم محاولة فهمها وتفسيرها في ضوء الآيات المحكمات والسياق العام للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؟
هناك ثلاثة اتجاهات رئيسية في التعامل مع قضية المحكم والمتشابه:
- الاتجاه الأول: يرى أن الآيات المتشابهة هي الآيات التي لا يمكن فهمها على الإطلاق، وأن تأويلها يقتصر على الله وحده. وهذا الاتجاه يحذر من الخوض في تأويل المتشابه، ويرى أن ذلك قد يؤدي إلى الضلال والفتنة. ويعتمد هذا الاتجاه على ظاهر الآية الكريمة: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ.
- الاتجاه الثاني: يرى أن الآيات المتشابهة يمكن فهمها وتأويلها من قبل الراسخين في العلم، الذين يمتلكون الأدوات اللازمة لفهم النص القرآني بشكل صحيح، مثل علم اللغة العربية، وعلم أصول الفقه، وعلم التفسير. ويعتمد هذا الاتجاه على قراءة أخرى للآية الكريمة، حيث يعتبر أن الواو في وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ هي واو عطف، وبالتالي فإن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه أيضًا.
- الاتجاه الثالث: يجمع بين الاتجاهين السابقين، ويرى أن هناك نوعين من المتشابه: متشابه لا يمكن فهمه إلا من قبل الله وحده، ومتشابه يمكن فهمه وتأويله من قبل الراسخين في العلم، وذلك بالاستعانة بالآيات المحكمات والسياق العام للنص القرآني.
يعتبر الاتجاه الثاني والثالث هما الأكثر شيوعًا بين العلماء والمفسرين، حيث يرون أن القرآن الكريم كتاب هداية للناس جميعًا، وبالتالي يجب أن يكون قابلاً للفهم والتفسير. ولكنهم يؤكدون على ضرورة التقيد بضوابط وشروط التفسير، وتجنب التأويلات الباطلة والمخالفة للنص القرآني.
بالنسبة لمسألة هل الكتاب كله محكم أو كله متشابه، فإن هذا الرأي يتناقض مع صريح الآية الكريمة في سورة آل عمران، التي تثبت وجود المحكم والمتشابه في القرآن الكريم. فإذا كان الكتاب كله محكمًا، لما كان هناك حاجة إلى تفسير وتأويل، وإذا كان الكتاب كله متشابهًا، لما كان هناك أساس للاحتجاج به والاستدلال به على الأحكام الشرعية. فالآيات المحكمات هي الأساس الذي يُبنى عليه الفهم الصحيح للنص القرآني، وهي التي تحدد المعاني الأساسية للأحكام الشرعية والعقائد الإسلامية.
القول بأن الكتاب كله محكم قد يكون له وجه من الصحة بمعنى أن الغاية النهائية من كل آية، سواء كانت محكمة أو متشابهة، هي تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، وتوجيه الناس إلى طريق الحق والخير. فالمتشابه، بعد فهمه وتأويله في ضوء المحكم، يصبح محكمًا في معناه النهائي، ويساهم في تحقيق الغاية العامة للكتاب.
أما القول بأن الكتاب كله متشابه فهو قول مرفوض بشكل قاطع، لأنه ينفي وجود أي أساس ثابت وواضح يمكن الاعتماد عليه في فهم النص القرآني. وهذا القول يؤدي إلى الفوضى في التفسير، وإلى إمكانية تأويل النص القرآني بأي طريقة يرغب فيها الشخص، مما يتعارض مع الغاية الأساسية من إنزال القرآن الكريم، وهي الهداية والإرشاد.
في الختام، فإن قضية المحكم والمتشابه في القرآن الكريم هي قضية معقدة ومتشعبة، تتطلب دراسة متأنية وفهمًا عميقًا للنص القرآني والسنة النبوية المطهرة. يجب على المسلم أن يتعامل مع هذه القضية بتواضع واحترام، وأن يسعى إلى فهم النص القرآني قدر استطاعته، وأن يتجنب التأويلات الباطلة والمخالفة للنص القرآني. والراسخون في العلم هم الذين يمتلكون القدرة على فهم النص القرآني بشكل صحيح، وهم الذين يمكنهم أن يوجهوا الناس إلى الطريق القويم.
من المهم الإشارة إلى أن هذا المقال يقدم تحليلًا عامًا لمفهوم المحكم والمتشابه، وقد يختلف مع بعض الآراء المطروحة في الفيديو المشار إليه. الهدف من هذا التحليل هو إثراء النقاش حول هذه القضية الهامة، وتقديم رؤية شاملة ومتوازنة حولها.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة