الصلاة الحركية بدعة من أتباع مسلم والبخاري والدليل من كتاب الله الذي ينطق بالحق

تحليل ونقد فيديو الصلاة الحركية بدعة من أتباع مسلم والبخاري والدليل من كتاب الله الذي ينطق بالحق

يثير فيديو اليوتيوب المعنون الصلاة الحركية بدعة من أتباع مسلم والبخاري والدليل من كتاب الله الذي ينطق بالحق (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=rzacuiXiYx4) جدلاً واسعاً حول طبيعة الصلاة وكيفيتها، مستنداً إلى تفسير خاص للقرآن الكريم ومتهماً السنة النبوية المطهرة، ممثلة في صحيح مسلم والبخاري، بالابتداع والانحراف عن الدين. يهدف هذا المقال إلى تحليل الأفكار المطروحة في الفيديو، وتقييم حججها، وتقديم وجهة نظر مخالفة مدعومة بالأدلة الشرعية والعقلية.

ملخص الأفكار الرئيسية في الفيديو

يمكن تلخيص الأفكار الرئيسية التي يطرحها الفيديو في النقاط التالية:

1. رفض السنة النبوية كمصدر تشريعي: يرفض الفيديو السنة النبوية، وخاصة صحيح مسلم والبخاري، كمصدر مستقل للتشريع، معتبراً أن القرآن الكريم هو المصدر الوحيد الذي يجب الاعتماد عليه في فهم الدين وتطبيق أحكامه.
2. القول بأن الصلاة الحركية بدعة: يزعم الفيديو أن الصلاة التي يؤديها المسلمون اليوم، والتي تتضمن حركات معينة مثل الركوع والسجود والقيام والجلوس، هي بدعة لم ترد في القرآن الكريم، وأنها من اختراع أتباع مسلم والبخاري.
3. تقديم تفسير خاص للآيات القرآنية المتعلقة بالصلاة: يقدم الفيديو تفسيراً خاصاً للآيات القرآنية التي تتحدث عن الصلاة، معتمداً على تأويلات لغوية وبلاغية تختلف عن التفسيرات التقليدية التي أجمع عليها علماء الأمة.
4. الدعوة إلى صلاة مختلفة: يدعو الفيديو إلى صلاة مختلفة، تعتمد على قراءة القرآن والدعاء والتفكر، دون الالتزام بالحركات المعروفة في الصلاة التقليدية.

نقد الأفكار المطروحة في الفيديو

إن الأفكار المطروحة في الفيديو تحمل في طياتها مغالطات خطيرة، وتخالف الإجماع العلمي للأمة، وتؤدي إلى زعزعة الثقة في السنة النبوية المطهرة، التي هي المصدر الثاني للتشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم. وفيما يلي تفصيل لنقد هذه الأفكار:

1. رفض السنة النبوية كمصدر تشريعي:

إن رفض السنة النبوية كمصدر تشريعي هو إنكار لأصل أصيل من أصول الدين، ومخالفة صريحة للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته. فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (الحشر: 7)، ويقول أيضاً: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (النساء: 80). هذه الآيات الكريمة تدل دلالة واضحة على وجوب اتباع السنة النبوية والعمل بها، لأنها وحي من الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي مبينة ومفصلة لما ورد في القرآن الكريم من أحكام عامة.

كما أن السنة النبوية ضرورية لفهم القرآن الكريم وتطبيقه، لأنها تفسر الآيات المبهمة، وتخصص الآيات العامة، وتقيد الآيات المطلقة. فمثلاً، القرآن الكريم أمر بالصلاة، ولكنه لم يبين عدد الركعات ولا كيفية أدائها، والسنة النبوية هي التي بينت ذلك بالتفصيل. فكيف يمكن للمسلم أن يصلي إذا رفض السنة النبوية ولم يرجع إليها في فهم كيفية الصلاة؟

والقول بأن صحيح مسلم والبخاري من اختراع أتباعهم هو قول باطل لا أساس له من الصحة، بل هو طعن في جهود الأئمة والعلماء الذين بذلوا جهوداً مضنية في جمع الأحاديث النبوية وتصنيفها وتمحيصها، والتأكد من صحة سندها ومتنها. فصحيح مسلم والبخاري هما أصح كتابين بعد كتاب الله، وقد تلقتهما الأمة بالقبول والتصديق على مر العصور.

2. القول بأن الصلاة الحركية بدعة:

إن القول بأن الصلاة التي يؤديها المسلمون اليوم هي بدعة هو قول مخالف للإجماع العلمي للأمة، ومخالف للسنة النبوية المتواترة التي بينت كيفية الصلاة بالتفصيل. فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى أمام الصحابة الكرام، وعلمهم كيفية الصلاة، وأمرهم بأن يصلوا كما رأوه يصلي، فقال: صلوا كما رأيتموني أصلي. وقد نقل الصحابة الكرام صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى التابعين، ونقلها التابعون إلى من بعدهم، وهكذا تواترت صفة الصلاة جيلاً بعد جيل، حتى وصلت إلينا كما هي اليوم.

والآيات القرآنية التي تتحدث عن الصلاة لا تتعارض مع صفة الصلاة التي وردت في السنة النبوية، بل إنها تدل عليها وتؤكدها. فقوله تعالى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (البقرة: 43) يدل على وجود الركوع في الصلاة، وقوله تعالى: وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (فصلت: 37) يدل على وجود السجود في الصلاة. وهذه الحركات هي جزء لا يتجزأ من الصلاة، ولا يمكن الاستغناء عنها.

3. تقديم تفسير خاص للآيات القرآنية المتعلقة بالصلاة:

إن تقديم تفسير خاص للآيات القرآنية يخالف التفسيرات التقليدية التي أجمع عليها علماء الأمة هو أمر خطير، لأنه يؤدي إلى تحريف معاني القرآن الكريم وتغيير أحكامه. فالقرآن الكريم ليس ملكاً لأحد، ولا يجوز لأي شخص أن يفسره برأيه وهواه، بل يجب الرجوع إلى التفاسير المعتمدة التي وضعها العلماء المتخصصون في علم التفسير، والذين استندوا إلى اللغة العربية وقواعدها، وإلى السنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين.

والتأويلات اللغوية والبلاغية التي يعتمد عليها الفيديو في تفسير الآيات القرآنية قد تكون صحيحة من الناحية اللغوية، ولكنها لا تتفق مع المعنى المراد من الآية، ولا تتفق مع السياق العام للقرآن الكريم والسنة النبوية. فالقرآن الكريم نزل باللغة العربية، ولكن فهمه لا يقتصر على معرفة اللغة العربية فقط، بل يتطلب أيضاً معرفة أسباب النزول، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، ومعرفة المقاصد الشرعية، وغيرها من العلوم التي لا يتقنها إلا العلماء المتخصصون.

4. الدعوة إلى صلاة مختلفة:

إن الدعوة إلى صلاة مختلفة عن الصلاة التي يؤديها المسلمون اليوم هي دعوة إلى مخالفة الإجماع، وإلى إحداث فتنة بين المسلمين. فالصلاة هي عمود الدين، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كيفية أدائها بالتفصيل، ولا يجوز لأحد أن يغير فيها أو يبدل. فمن فعل ذلك فقد ابتدع في الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.

والقول بأن الصلاة تقتصر على قراءة القرآن والدعاء والتفكر هو قول قاصر، لأنه يغفل أهمية الحركات التي تتضمنها الصلاة، والتي هي عبادة بدنية لله تعالى، وتعبير عن الخضوع والاستسلام لأمره. فالركوع والسجود والقيام والجلوس كلها حركات مقصودة في الصلاة، ولها معان ودلالات عظيمة، ولا يمكن الاستغناء عنها.

الخلاصة

في الختام، فإن الأفكار المطروحة في فيديو الصلاة الحركية بدعة من أتباع مسلم والبخاري والدليل من كتاب الله الذي ينطق بالحق هي أفكار خاطئة ومضللة، تخالف الإجماع العلمي للأمة، وتؤدي إلى زعزعة الثقة في السنة النبوية المطهرة، وتحريف معاني القرآن الكريم. لذلك، يجب على المسلمين الحذر من هذه الأفكار، والتمسك بالسنة النبوية المطهرة، والرجوع إلى العلماء المتخصصين في فهم الدين وتطبيق أحكامه.