مزارعو جنوب لبنان يصرون على فلاحة أراضيهم رغم القصف الإسرائيلي المستمر
مزارعو جنوب لبنان يصرون على فلاحة أراضيهم رغم القصف الإسرائيلي المستمر
يشكل جنوب لبنان، بشريطِه الأخضر الممتد على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، سلة غذاء حيوية للبلاد. أراضيه الخصبة، التي ارتوت عبر التاريخ بعرق الفلاحين ودمائهم، لطالما قدمت أجود أنواع الخضراوات والفواكه والتبغ، مغذيةً بذلك أسواق لبنان ومعيشة الآلاف من الأسر الجنوبية. إلا أن هذه الأرض، التي تحمل في طياتها قصص الصمود والكفاح، تواجه اليوم تحدياً وجودياً غير مسبوق، يتمثل في القصف الإسرائيلي المستمر الذي يستهدفها منذ شهور.
الفيديو المعنون مزارعو جنوب لبنان يصرون على فلاحة أراضيهم رغم القصف الإسرائيلي المستمر (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=2MPr0ygfiHU) يوثق ببلاغة هذا الواقع المرير، ويسلط الضوء على الإصرار الأسطوري للمزارعين الجنوبيين على البقاء في أرضهم، وفلاحتها رغم المخاطر الجمة. إنه فيلم قصير، لكنه يحمل في طياته رسالة قوية عن العزيمة والإرادة، وعن الارتباط الوثيق بين الإنسان وأرضه.
الفيلم يرسم صورة قاتمة للواقع الزراعي في الجنوب، حيث الأراضي المحروثة تحولت إلى ساحات قتال، والحقول الخضراء إلى أهداف مشروعة للقصف. أصوات القنابل والانفجارات أصبحت جزءاً لا يتجزأ من يوميات المزارعين، الذين يعملون تحت تهديد الموت في كل لحظة. رغم ذلك، لا يترددون في الخروج إلى حقولهم، حاملين معهم أدواتهم المتواضعة وأحلامهم البسيطة، متحدين بذلك آلة الحرب الإسرائيلية.
اللقطات المصورة في الفيديو مؤثرة للغاية. ترى المزارعين وهم يتنقلون بين الحفر التي خلفتها القذائف، يتفقدون محاصيلهم المتضررة، ويحاولون إصلاح ما يمكن إصلاحه. وجوههم تحمل علامات التعب والخوف، لكنها أيضاً تنطق بالإصرار والأمل. يتحدثون بصوت خافت، لكن كلماتهم قوية ومعبرة. يشكون من الخسائر الفادحة التي تكبدوها، ومن صعوبة الحصول على الأسمدة والمبيدات، ومن ارتفاع تكاليف الإنتاج. لكنهم يؤكدون في الوقت نفسه أنهم لن يتركوا أرضهم مهما كلف الأمر. يقول أحدهم: هذه الأرض هي كل ما نملك. هي مصدر رزقنا وكرامتنا. لن نتخلى عنها حتى آخر رمق.
الفيلم لا يكتفي بعرض المعاناة، بل يسلط الضوء أيضاً على روح التضامن والتكافل التي تسود بين المزارعين الجنوبيين. يرون في وحدتهم قوتهم، وفي تعاونهم خلاصهم. يتبادلون الخبرات والمعلومات، ويساعدون بعضهم البعض في إصلاح الأضرار، وتوفير الاحتياجات الأساسية. هذا التضامن يعكس عمق الروابط الاجتماعية التي تربطهم، ويؤكد أنهم مجتمع واحد، يواجهون المصير نفسه.
القصف الإسرائيلي المستمر على الجنوب ليس مجرد عمل عسكري، بل هو أيضاً حرب اقتصادية تهدف إلى تدمير القطاع الزراعي، وتهجير السكان من أرضهم، وتحويل الجنوب إلى منطقة غير قابلة للحياة. هذا ما يدركه المزارعون الجنوبيون جيداً، ولهذا السبب يصرون على فلاحة أراضيهم، كنوع من المقاومة السلمية، وكتعبير عن رفضهم للاحتلال والتهجير.
إن إصرار المزارعين الجنوبيين على البقاء في أرضهم وفلاحتها، رغم المخاطر الجمة، يمثل رسالة قوية إلى العالم أجمع. إنها رسالة مفادها أن الحق ينتصر في النهاية، وأن الظلم لا يدوم، وأن الإرادة الصلبة قادرة على تذليل الصعاب، وتحقيق المستحيل. إنها أيضاً دعوة إلى المجتمع الدولي، لتحمل مسؤولياته تجاه حماية المدنيين، ووقف العدوان الإسرائيلي على الجنوب، ودعم المزارعين وتمكينهم من الاستمرار في فلاحة أراضيهم، والحفاظ على مصدر رزقهم.
الفيديو يذكرنا أيضاً بأهمية القطاع الزراعي في لبنان، وبضرورة الاهتمام به وتطويره. فالزراعة ليست مجرد مصدر رزق للمزارعين، بل هي أيضاً أساس الأمن الغذائي للبلاد، وعامل أساسي في تحقيق التنمية المستدامة. في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان، يصبح الاهتمام بالقطاع الزراعي أكثر أهمية من أي وقت مضى. يجب على الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، العمل معاً لدعم المزارعين، وتوفير لهم الموارد والتقنيات اللازمة، وتمكينهم من زيادة إنتاجهم وتحسين جودته، وتصدير منتجاتهم إلى الأسواق الخارجية.
إن قصة مزارعي جنوب لبنان، هي قصة صمود وكفاح، تستحق أن تُروى وتُسمع. إنها قصة تبعث الأمل في النفوس، وتؤكد أن الإرادة الإنسانية قادرة على الانتصار على الظروف مهما كانت قاسية. الفيديو مزارعو جنوب لبنان يصرون على فلاحة أراضيهم رغم القصف الإسرائيلي المستمر هو شهادة حية على هذا الصمود، ودعوة إلى التضامن والدعم.
في الختام، يجب التأكيد على أن دعم مزارعي الجنوب ليس مجرد واجب إنساني، بل هو أيضاً استثمار في مستقبل لبنان. فالمزارعون هم حماة الأرض، وحافظوا على التراث، وصناع الغذاء. بدعمهم، فإننا ندعم مستقبلنا، ونحافظ على هويتنا، ونعزز أمننا الغذائي.
فلنقف جميعاً إلى جانب مزارعي جنوب لبنان، وندعمهم بكل ما أوتينا من قوة، حتى يتمكنوا من الاستمرار في فلاحة أراضيهم، وبناء مستقبل أفضل لأجيالهم القادمة.
مقالات مرتبطة