معنى قوله تعالى وجاهدهم به جهاداً كبيرا وجاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم
تفسير قوله تعالى: وجاهدهم به جهاداً كبيرا وجاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم
هذا المقال يتناول تفسير قوله تعالى: وجاهدهم به جهاداً كبيرا الواردة في سورة الفرقان (الآية 52)، وقوله تعالى: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير الواردة في سورة التوبة (الآية 73) وسورة التحريم (الآية 9)، وذلك في ضوء ما ورد في فيديو اليوتيوب المعنون بـ: معنى قوله تعالى وجاهدهم به جهاداً كبيرا وجاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم الموجود على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=OJq-9S2J2VM، مع الاستعانة بتفاسير العلماء المعتبرين لفهم المعنى المراد من هذه الآيات الكريمة.
تفسير وجاهدهم به جهاداً كبيرا (الفرقان: 52)
تأتي هذه الآية الكريمة في سياق الحديث عن القرآن الكريم ودعوته إلى الله. فبعد أن يذكر الله تعالى صفات عباد الرحمن، وينبه إلى قدرته وعلمه، يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بالجهاد بالقرآن. والسؤال هنا: ما هو المقصود بالجهاد بالقرآن؟
الجهاد بالقرآن ليس جهاداً بالسلاح: يتفق أغلب المفسرين على أن الجهاد المقصود في هذه الآية ليس الجهاد بالسلاح، بل هو الجهاد بالقرآن نفسه، أي بالدعوة إلى الله، والتبليغ عن دينه، والجدال بالتي هي أحسن لإقناع المخالفين، وتبيين الحق وإظهاره. وهذا يتفق مع السياق العام للآيات التي تتحدث عن الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. فالمقصود هو بذل الجهد الأقصى في نشر القرآن وتعليمه، وتفسيره وتوضيحه، والرد على الشبهات المثارة حوله، وتبيين محاسنه وهدايته.
تفسيرات العلماء: يرى الإمام الطبري في تفسيره جامع البيان أن المقصود بالجهاد هنا هو مجاهدة المشركين بالقرآن والدعاء إلى الله، والإعذار إليهم فيه، وإقامة الحجة عليهم به. ويقول الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن أن المعنى جاهدهم بالقرآن جاهد عظيماً، أي لا تداهنهم، ولا تضعف عن تبليغ الحق. أما ابن كثير في تفسير القرآن العظيم فيذكر أن المقصود جاهدهم بهذا القرآن جاهد عظيماً، أي بلغهم رسالات الله، وادعهم إليه، ورد على شبهاتهم بالقرآن.
أهمية الجهاد بالقرآن: يظهر من هذه التفاسير أن الجهاد بالقرآن هو جهاد بالكلمة، والفكر، والحجة، والبيان. وهو جهاد مستمر لا ينقطع، وهو أصل في الدعوة إلى الله، ووسيلة أساسية لإخراج الناس من الظلمات إلى النور. وهو جهاد سلمي لا يعتمد على القوة والإكراه، بل يعتمد على الإقناع والتأثير. والجهاد بالقرآن ضروري في كل زمان ومكان، لمواجهة التحديات الفكرية والثقافية التي تواجه الأمة الإسلامية.
تفسير جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم (التوبة: 73 والتحريم: 9)
تأتي هذه الآية في سياق الحديث عن الكفار والمنافقين، وهم أعداء الإسلام الظاهرون والباطنون. وتأمر الآية النبي صلى الله عليه وسلم بجهادهم والإغلاظ عليهم. والسؤال هنا: ما هو المقصود بالجهاد والإغلاظ في هذه الآية؟ وهل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم عام لجميع المسلمين؟
الجهاد بمعناه الواسع: الجهاد في هذه الآية يحمل معنى أوسع من مجرد الجهاد بالسلاح. فهو يشمل الجهاد باللسان، والجهاد باليد، والجهاد بالمال، والجهاد بالنفس. فالجهاد باللسان يكون بالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والرد على الشبهات، وتفنيد الأباطيل. والجهاد باليد يكون بتطبيق الحدود الشرعية، وإقامة العدل، ومنع الظلم، ونصرة المظلوم. والجهاد بالمال يكون بالإنفاق في سبيل الله، ودعم الدعوة، ومساعدة المحتاجين. والجهاد بالنفس يكون بالقتال في سبيل الله، والدفاع عن الدين، وحماية الأمة.
الجهاد ضد الكفار: الجهاد ضد الكفار يكون بالدعوة إلى الإسلام، وإقامة الحجة عليهم، وإزالة الشبهات عنهم. وإذا لم يستجيبوا، فيجوز قتالهم إذا كانوا معتدين أو مانعين للدعوة. والجهاد ضد الكفار يهدف إلى إعلاء كلمة الله، ونشر دينه، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور.
الجهاد ضد المنافقين: الجهاد ضد المنافقين أصعب وأشد، لأنهم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. والجهاد ضدهم يكون بكشف نفاقهم، وفضح مخططاتهم، والتحذير منهم. وقد يكون الجهاد ضدهم بالعقوبات الشرعية إذا ارتكبوا ما يستوجب ذلك. والجهاد ضد المنافقين يهدف إلى حماية الأمة من شرورهم، وإبعادهم عن التأثير في المسلمين.
الإغلاظ عليهم: الإغلاظ يعني الشدة والقسوة في التعامل معهم. وهو ليس دعوة إلى الظلم أو العدوان، بل هو تعبير عن الغضب لله، والغيرة على دينه. والإغلاظ يكون بالكلام القوي، والرد الحاسم، والزجر الشديد. والإغلاظ يهدف إلى ردعهم عن غيهم، وتخويفهم من عاقبة فعلهم، وإظهار الحق وإعزازه.
تفسيرات العلماء: يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان والوعيد، وأغلظ عليهم في القول والزجر. ويقول الإمام القرطبي: أي استعمل معهم الشدة والغلظة في القول والفعل. ويقول ابن كثير: أي استعمل معهم الشدة في القول والفعل، وأظهر لهم ما يكرهون.
الجهاد في العصر الحديث: يختلف شكل الجهاد في العصر الحديث عن شكله في الماضي. فالجهاد بالسلاح لم يعد هو الوسيلة الوحيدة، بل هناك وسائل أخرى أكثر فاعلية، مثل الجهاد بالكلمة، والفكر، والإعلام، والعمل الخيري، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. والجهاد في العصر الحديث يتطلب الوعي والفهم، والتخطيط والتنظيم، والتعاون والتكاتف. والجهاد في العصر الحديث هو مسؤولية الجميع، كل حسب قدرته واستطاعته.
الخلاصة
إن قوله تعالى: وجاهدهم به جهاداً كبيرا يعني الجهاد بالقرآن والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. وقوله تعالى: جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم يعني الجهاد بمعناه الواسع، الذي يشمل الجهاد باللسان، واليد، والمال، والنفس، مع الإغلاظ عليهم عند الحاجة. والجهاد في العصر الحديث يتطلب استخدام الوسائل المناسبة للظروف والمستجدات، مع الالتزام بأخلاق الإسلام وقيمه.
إن فهم هذه الآيات الكريمة فهماً صحيحاً، والعمل بمقتضاها، هو السبيل إلى تحقيق النصر والعزة للأمة الإسلامية، وإلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وإلى إعلاء كلمة الله في الأرض.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة