Now

ماهي أهداف تركيا من وراء علاقتها الاستراتيجية مع النظام الجديد في سوريا

أهداف تركيا من وراء علاقتها الاستراتيجية مع النظام الجديد في سوريا: تحليل معمق

في عالم السياسة المعقد والمتغير باستمرار، تتشابك المصالح وتتقاطع التحالفات، وتتبدل المواقف وفقًا للمعطيات الجديدة. العلاقة بين تركيا وسوريا، تحديدًا العلاقة بين تركيا والنظام السوري، هي مثال حي على هذا التعقيد. فبعد سنوات من التوتر والعداء، بدأت تظهر بوادر تقارب حذر، تثير تساؤلات مشروعة حول الأهداف الكامنة وراء هذا التحول الاستراتيجي. هذا المقال، مستوحيًا من التحليل المقدم في فيديو اليوتيوب بعنوان ماهي أهداف تركيا من وراء علاقتها الاستراتيجية مع النظام الجديد في سوريا (https://www.youtube.com/watch?v=-uel-7RLKxI)، يسعى إلى تقديم تحليل معمق لهذه العلاقة، مستعرضًا الدوافع التركية المحتملة، والتحديات التي تواجه هذا التقارب، والمآلات المحتملة لهذه الاستراتيجية الجديدة.

الخلفية التاريخية للعلاقة المتوترة

منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، اتخذت تركيا موقفًا حازمًا ضد نظام بشار الأسد، داعمةً المعارضة السورية بكل أشكال الدعم، ومستضيفةً على أراضيها ملايين اللاجئين السوريين. هذا الموقف، الذي استند إلى رؤية تركية مفادها ضرورة رحيل الأسد وإقامة نظام ديمقراطي يمثل كافة أطياف الشعب السوري، تسبب في قطيعة شبه كاملة بين البلدين، وتحول الحدود التركية السورية إلى ساحة للصراع والتوتر. لكن، مع مرور الوقت وتغير موازين القوى في سوريا، بدأت تظهر مؤشرات على تغيير في الاستراتيجية التركية، مدفوعة بمجموعة من العوامل الداخلية والإقليمية والدولية.

الدوافع التركية المحتملة وراء التقارب مع النظام السوري

هنالك العديد من الدوافع التي قد تدفع تركيا إلى إعادة تقييم علاقتها مع النظام السوري، والسعي نحو تقارب استراتيجي معه. يمكن تلخيص هذه الدوافع في النقاط التالية:

  • مكافحة الإرهاب: تعتبر تركيا أن وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق سوريا، تشكل تهديدًا وجوديًا لأمنها القومي، كونها تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المحظور في تركيا. ترى أنقرة أن التعاون مع النظام السوري قد يساعد في الحد من نفوذ هذه الجماعات، وربما القضاء عليها بشكل كامل، خاصةً وأن النظام السوري يشارك تركيا نفس المخاوف بشأن الطموحات الانفصالية للأكراد في سوريا.
  • ملف اللاجئين السوريين: تستضيف تركيا على أراضيها أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري، وهو ما يشكل عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا على البلاد. تسعى الحكومة التركية جاهدةً لإيجاد حل لهذه الأزمة، وترى أن إعادة اللاجئين إلى سوريا هي الحل الأمثل. لكن، هذا الأمر يتطلب تنسيقًا وتعاونًا وثيقًا مع النظام السوري، لضمان توفير الظروف الآمنة والمستقرة لعودة اللاجئين.
  • حماية المصالح الاقتصادية: لطالما كانت سوريا سوقًا مهمًا للصادرات التركية، وممرًا حيويًا للتجارة الإقليمية. تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في سوريا، نتيجة للحرب الأهلية، أثر بشكل كبير على المصالح الاقتصادية التركية. ترى أنقرة أن استقرار الأوضاع في سوريا، من خلال التوصل إلى حل سياسي يضمن وحدة البلاد واستقرارها، سيساهم في استعادة العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، ويخدم المصالح الاقتصادية التركية.
  • المتغيرات الإقليمية والدولية: يشهد الشرق الأوسط تحولات كبيرة في موازين القوى والتحالفات، وتلعب القوى الإقليمية والدولية أدوارًا متزايدة في تحديد مسار الأحداث. ترى تركيا أن التكيف مع هذه المتغيرات، من خلال بناء علاقات استراتيجية مع مختلف الأطراف الفاعلة في المنطقة، بما في ذلك النظام السوري، هو أمر ضروري لحماية مصالحها القومية وتعزيز دورها الإقليمي.
  • تقويض النفوذ الإيراني والروسي: تسعى تركيا إلى الحد من النفوذ الإيراني والروسي المتزايد في سوريا. ترى أنقرة أن التقارب مع النظام السوري قد يساهم في تحقيق هذا الهدف، من خلال إيجاد توازن في القوى يسمح لتركيا بلعب دور أكثر فاعلية في تحديد مستقبل سوريا.

التحديات التي تواجه التقارب التركي السوري

على الرغم من الدوافع القوية التي تدفع تركيا نحو التقارب مع النظام السوري، إلا أن هذا التقارب يواجه العديد من التحديات التي قد تعرقل مساره أو تؤثر على نتائجه. من أبرز هذه التحديات:

  • غياب الثقة المتبادلة: سنوات من العداء والصراع خلفت وراءها تراكمًا من عدم الثقة بين الجانبين. يرى النظام السوري أن تركيا دعمت الجماعات الإرهابية التي سعت إلى إسقاطه، بينما تتهم تركيا النظام السوري بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. استعادة الثقة المتبادلة تتطلب جهودًا كبيرة وتنازلات متبادلة، وهو أمر ليس بالسهل تحقيقه.
  • ملف المعارضة السورية: لا تزال تركيا تدعم بعض فصائل المعارضة السورية، التي ترفض أي تقارب مع النظام السوري. قد يؤدي أي تقارب بين تركيا والنظام السوري إلى تهميش هذه الفصائل، وإضعاف موقفها في أي مفاوضات مستقبلية.
  • الوجود التركي في شمال سوريا: تسيطر تركيا على مناطق واسعة في شمال سوريا، وتديرها بشكل مباشر أو من خلال حلفائها المحليين. مستقبل هذه المناطق يمثل تحديًا كبيرًا، حيث يطالب النظام السوري بانسحاب القوات التركية وعودة هذه المناطق إلى سيطرته.
  • الموقف الدولي: لا يحظى التقارب التركي السوري بتأييد دولي واسع. تعارض الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية أي تطبيع للعلاقات مع النظام السوري، وتعتبره مكافأة له على جرائمه. الضغوط الدولية قد تعيق التقارب التركي السوري، وتحد من قدرة تركيا على تحقيق أهدافها.
  • الخلافات العميقة حول القضايا العالقة: لا يزال هناك العديد من القضايا العالقة بين البلدين، مثل ترسيم الحدود البحرية، وتقاسم المياه، وحقوق الأقليات. حل هذه القضايا يتطلب مفاوضات طويلة ومعقدة، وقد يؤدي إلى خلافات جديدة.

المآلات المحتملة للعلاقة الاستراتيجية الجديدة

من الصعب التكهن بالمآلات النهائية للعلاقة الاستراتيجية الجديدة بين تركيا والنظام السوري. هناك سيناريوهات متعددة محتملة، تتراوح بين التقارب الكامل والعودة إلى حالة العداء. من بين هذه السيناريوهات:

  • التقارب الكامل: في هذا السيناريو، يتمكن الجانبان من تجاوز الخلافات العميقة، واستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، والتعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وإعادة اللاجئين وحماية المصالح الاقتصادية.
  • التقارب الجزئي: في هذا السيناريو، يتمكن الجانبان من تحقيق تقدم محدود في بعض المجالات، مثل مكافحة الإرهاب وإعادة اللاجئين، لكنهما يظلان على خلاف حول قضايا أخرى، مثل مستقبل المناطق الخاضعة للسيطرة التركية ودور المعارضة السورية.
  • الجمود: في هذا السيناريو، لا يتمكن الجانبان من تحقيق أي تقدم حقيقي في تحسين العلاقات، وتبقى الأمور على حالها، مع استمرار التوتر والعداء.
  • العودة إلى العداء: في هذا السيناريو، تتدهور العلاقات بين الجانبين مرة أخرى، بسبب خلافات جديدة أو تصعيد في العنف، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل التقارب.

الخلاصة

إن العلاقة الاستراتيجية بين تركيا والنظام السوري هي علاقة معقدة ومتشابكة، مدفوعة بمجموعة من الدوافع الداخلية والإقليمية والدولية. على الرغم من الدوافع القوية التي تدفع تركيا نحو التقارب مع النظام السوري، إلا أن هذا التقارب يواجه العديد من التحديات التي قد تعرقل مساره أو تؤثر على نتائجه. المآلات النهائية لهذه العلاقة لا تزال غير واضحة، وتعتمد على قدرة الجانبين على تجاوز الخلافات العميقة، وبناء الثقة المتبادلة، والتكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية. يبقى أن نراقب التطورات المستقبلية لهذه العلاقة، ونحلل آثارها المحتملة على المنطقة بأسرها.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا