بعد تصاعد هجماتهم في البحر الأحمر من هم الحوثيون وما الهدف من التحالف البحري الدولي
بعد تصاعد هجماتهم في البحر الأحمر: من هم الحوثيون وما الهدف من التحالف البحري الدولي؟
شهد البحر الأحمر في الأشهر الأخيرة تصعيداً ملحوظاً في الهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله الحوثية، مما أثار قلقاً دولياً واسعاً وأدى إلى تشكيل تحالف بحري دولي لحماية الملاحة في هذه المنطقة الحيوية. هذا التصعيد يستدعي بحثاً معمقاً في هوية الحوثيين، دوافعهم، الأهداف التي يسعون لتحقيقها من خلال هذه الهجمات، وأخيراً، الغاية من وراء تشكيل هذا التحالف البحري الدولي.
من هم الحوثيون؟
الحوثيون، أو أنصار الله، هم حركة سياسية دينية مسلحة تنتمي إلى الطائفة الزيدية الشيعية في اليمن. تأسست الحركة في التسعينيات على يد حسين بدر الدين الحوثي، الذي رفع شعاراً مناهضاً للولايات المتحدة وإسرائيل. تركزت الحركة في محافظة صعدة شمال اليمن، واكتسبت قوة متزايدة نتيجة عدة عوامل، من بينها: التهميش السياسي والاقتصادي الذي عانت منه مناطق الشمال، ضعف الدولة المركزية، والتدخلات الخارجية في الشأن اليمني.
بعد مقتل حسين بدر الدين الحوثي في عام 2004 على يد القوات الحكومية، تولى قيادة الحركة أخوه عبد الملك الحوثي. تحت قيادته، توسعت الحركة وتطورت استراتيجياً وعسكرياً، مما مكنها من السيطرة على مناطق واسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء في عام 2014. بعد ذلك، دخلت اليمن في حرب أهلية شاملة مدعومة بتدخلات إقليمية ودولية، حيث دعمت دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية الحكومة اليمنية الشرعية، بينما دعمت إيران الحوثيين.
يتبنى الحوثيون خطاباً دينياً وسياسياً يركز على مقاومة ما يعتبرونه هيمنة أجنبية، والدفاع عن حقوق الطائفة الزيدية، ومحاربة الفساد. على الرغم من أنهم يزعمون أنهم يمثلون الشعب اليمني بأكمله، إلا أن قاعدتهم الشعبية تتركز بشكل أساسي في مناطق الشمال ذات الأغلبية الزيدية.
دوافع وهدف الهجمات في البحر الأحمر
تشن جماعة الحوثي هجمات في البحر الأحمر تستهدف بشكل رئيسي السفن التجارية التي تعتقد أنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك رداً على الحرب الإسرائيلية على غزة. أعلن الحوثيون مراراً وتكراراً أنهم لن يسمحوا بمرور السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر حتى يتم وقف إطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
بالإضافة إلى البعد المتعلق بالحرب في غزة، يمكن تحليل دوافع الحوثيين من منظور أوسع يشمل عدة عوامل:
- تعزيز النفوذ والمكانة الإقليمية: من خلال هذه الهجمات، يسعى الحوثيون إلى إظهار قوتهم وقدرتهم على التأثير في الأحداث الإقليمية، وبالتالي تعزيز مكانتهم كقوة فاعلة لا يمكن تجاهلها في المنطقة.
- الضغط على المجتمع الدولي: تهدف الهجمات إلى الضغط على المجتمع الدولي للتحرك لوقف الحرب في غزة، والضغط على إسرائيل لتخفيف الحصار المفروض على القطاع.
- الحصول على تنازلات سياسية واقتصادية: قد يسعى الحوثيون إلى استخدام هذه الهجمات كورقة ضغط للحصول على تنازلات سياسية واقتصادية من الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي، مثل رفع العقوبات المفروضة عليهم، أو الاعتراف بحكمهم في المناطق التي يسيطرون عليها.
- إظهار الولاء لإيران: يُنظر إلى الحوثيين على أنهم حليف لإيران في المنطقة، وقد تكون هذه الهجمات جزءاً من استراتيجية إيرانية أوسع لزعزعة الاستقرار في المنطقة وممارسة الضغط على خصومها.
بغض النظر عن الدوافع، فإن هذه الهجمات لها تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين. فالبحر الأحمر يعد ممراً ملاحياً حيوياً للتجارة العالمية، وتعطيل الملاحة فيه يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي، ويزيد من تكاليف الشحن والتأمين.
التحالف البحري الدولي: الهدف والمهام
رداً على تصاعد الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، أعلنت الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف بحري دولي تحت اسم حارس الازدهار (Operation Prosperity Guardian) بهدف حماية الملاحة في البحر الأحمر وضمان حرية التجارة الدولية. يضم التحالف عدداً من الدول، بما في ذلك بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا.
تهدف مهمة التحالف إلى:
- ردع الهجمات الحوثية: من خلال التواجد العسكري المكثف في البحر الأحمر، يسعى التحالف إلى ردع الحوثيين عن شن المزيد من الهجمات على السفن التجارية.
- حماية السفن التجارية: يقوم التحالف بتوفير مرافقة مسلحة للسفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر، وتوفير الدعم الجوي والبحري اللازم في حالة تعرضها لهجوم.
- مراقبة ورصد الأنشطة الحوثية: يقوم التحالف بمراقبة ورصد تحركات الحوثيين في البحر الأحمر، وجمع المعلومات الاستخباراتية عن قدراتهم وأهدافهم.
- التعاون مع الدول الإقليمية: يسعى التحالف إلى التعاون مع الدول الإقليمية، مثل مصر والمملكة العربية السعودية، لتعزيز الأمن والاستقرار في البحر الأحمر.
تواجه مهمة التحالف البحري الدولي عدة تحديات، من بينها:
- التعقيدات السياسية: تختلف مواقف الدول الأعضاء في التحالف بشأن الأزمة اليمنية، وقد يؤثر ذلك على فعالية التحالف وقدرته على اتخاذ قرارات حاسمة.
- التهديدات غير التقليدية: يعتمد الحوثيون على أساليب حرب غير تقليدية، مثل استخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، مما يجعل من الصعب على التحالف التصدي لهم بشكل فعال.
- التكاليف الباهظة: تتطلب مهمة التحالف البحري الدولي تخصيص موارد مالية وعسكرية كبيرة، وقد تتردد بعض الدول في تحمل هذه التكاليف.
- خطر التصعيد: هناك خطر من أن يؤدي تدخل التحالف إلى تصعيد الصراع في اليمن، أو إلى مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.
خلاصة
تمثل الهجمات الحوثية في البحر الأحمر تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين. تشكيل التحالف البحري الدولي هو خطوة ضرورية لحماية الملاحة في هذه المنطقة الحيوية، ولكن يجب أن يكون التحالف جزءاً من استراتيجية شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع في اليمن، والتوصل إلى حل سياسي عادل وشامل يضمن الأمن والاستقرار للجميع.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يبذل المزيد من الجهود للضغط على جميع الأطراف المتحاربة في اليمن للعودة إلى طاولة المفاوضات، ووقف إطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. الحل العسكري ليس حلاً للأزمة اليمنية، والحل السياسي هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في هذا البلد المضطرب.
رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=rX37C_pkInI
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة