كيف ساهمت جبهة الإسناد من حزب الله والحوثيين والفصائل العراقية في دعم المقاومة في غزة
كيف ساهمت جبهة الإسناد من حزب الله والحوثيين والفصائل العراقية في دعم المقاومة في غزة
يشهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخاصةً في قطاع غزة، ديناميكية إقليمية معقدة تتجاوز حدود القضية الفلسطينية. فمنذ اندلاع العمليات العسكرية الأخيرة، برزت جبهة إسناد واسعة تضمنت قوى إقليمية مختلفة، أبرزها حزب الله في لبنان، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، وبعض الفصائل العراقية المسلحة. يهدف هذا المقال إلى تحليل طبيعة هذا الدعم المقدم للمقاومة الفلسطينية في غزة، وتقييم أثره المحتمل على مسار الصراع، مع الأخذ في الاعتبار مختلف الأبعاد السياسية والعسكرية والاستراتيجية.
حزب الله: جبهة الشمال المشتعلة
لطالما شكل حزب الله جزءاً أساسياً من شبكة الدعم الإقليمي للمقاومة الفلسطينية. منذ تأسيسه، رفع الحزب شعار تحرير فلسطين، وقدم الدعم المادي والمعنوي والتكتيكي لحركات المقاومة المختلفة، وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي. وفي ظل العمليات العسكرية الأخيرة في غزة، تصاعدت وتيرة مشاركة حزب الله بشكل ملحوظ، حيث فتح الحزب جبهة الشمال، وشن هجمات صاروخية ومدفعية على مواقع عسكرية إسرائيلية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة.
يهدف حزب الله من خلال هذه العمليات إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية. أولاً، تخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي على غزة، من خلال إشغال الجيش الإسرائيلي على جبهة أخرى. ثانياً، إرسال رسالة واضحة إلى إسرائيل بأن أي تصعيد عسكري في غزة سيقابله رد فعل قوي من لبنان، مما قد يؤدي إلى فتح جبهة حرب واسعة النطاق. ثالثاً، تعزيز صورته كحليف قوي للمقاومة الفلسطينية، وتعزيز نفوذه الإقليمي كقوة مؤثرة في معادلة الصراع.
إضافة إلى ذلك، يقدم حزب الله دعماً لوجستياً وتقنياً للمقاومة الفلسطينية، بما في ذلك تدريب المقاتلين، وتوفير الخبرات في مجال تطوير الأسلحة والصواريخ. كما يلعب الحزب دوراً مهماً في نقل الرسائل بين الفصائل الفلسطينية والقوى الإقليمية الأخرى، ويساهم في تنسيق المواقف والجهود.
الحوثيون: ضربات من عمق الجزيرة العربية
على الرغم من بعد المسافة الجغرافية بين اليمن وفلسطين، إلا أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) أعلنت صراحةً دعمها للمقاومة الفلسطينية، ونفذت عدة عمليات عسكرية استهدفت إسرائيل. أطلق الحوثيون صواريخ ومسيرات باتجاه أهداف إسرائيلية، وأعلنوا أن هذه العمليات تأتي في إطار دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته.
تعتبر مشاركة الحوثيين في هذا الصراع ذات دلالة رمزية واستراتيجية. رمزياً، تعكس هذه المشاركة تضامن قوى إقليمية مختلفة مع القضية الفلسطينية، وتؤكد على البعد العربي والإسلامي للصراع. استراتيجياً، تظهر قدرة الحوثيين على الوصول إلى أهداف بعيدة المدى، وتزيد من الضغط على إسرائيل، خاصةً في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها في مختلف الجبهات.
كما أن مشاركة الحوثيين تزيد من تعقيد المشهد الإقليمي، وتضع تحديات جديدة أمام إسرائيل وحلفائها. فالقدرات العسكرية المتطورة للحوثيين، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة، تشكل تهديداً حقيقياً لأمن إسرائيل، وتجعلها أكثر عرضة للهجمات من جهات مختلفة.
الفصائل العراقية: دعم لوجستي وإعلامي
تلعب بعض الفصائل العراقية المسلحة دوراً في دعم المقاومة الفلسطينية، وإن كان هذا الدور أقل وضوحاً من دور حزب الله والحوثيين. تقدم هذه الفصائل دعماً لوجستياً وإعلامياً للمقاومة، وتشارك في حملات جمع التبرعات والتوعية بالقضية الفلسطينية.
كما تتبنى بعض هذه الفصائل خطاباً شديد اللهجة تجاه إسرائيل، وتدعو إلى دعم المقاومة بكل الوسائل الممكنة. وعلى الرغم من أن قدرات هذه الفصائل محدودة مقارنة بحزب الله والحوثيين، إلا أنها تمثل جزءاً من شبكة الدعم الإقليمي للمقاومة الفلسطينية، وتساهم في تعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب بعض الفصائل العراقية دوراً في نقل المقاتلين والأسلحة إلى غزة، على الرغم من صعوبة ذلك بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع. كما تقدم هذه الفصائل دعماً مالياً للمقاومة الفلسطينية، وتساهم في تمويل العمليات العسكرية.
الأثر المحتمل لجبهة الإسناد على مسار الصراع
لا شك أن جبهة الإسناد التي تشكلت من حزب الله والحوثيين والفصائل العراقية لها تأثير كبير على مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذا الدعم يقوي موقف المقاومة الفلسطينية، ويزيد من قدرتها على الصمود في وجه العدوان الإسرائيلي.
كما أن هذا الدعم يضع ضغوطاً إضافية على إسرائيل، ويجعلها أكثر عرضة للهجمات من جهات مختلفة. فالتهديدات المتزايدة من لبنان واليمن والعراق تجعل إسرائيل تعيد تقييم استراتيجياتها الأمنية والعسكرية، وتزيد من مخاوفها بشأن مستقبل الصراع.
إضافة إلى ذلك، فإن جبهة الإسناد تعزز التضامن العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية، وتزيد من الوعي بأهمية دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته. هذا التضامن يمكن أن يترجم إلى ضغوط سياسية واقتصادية على إسرائيل، ويساهم في تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية.
ومع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أن جبهة الإسناد تواجه تحديات كبيرة. فإسرائيل تتمتع بتفوق عسكري كبير، ولديها دعم قوي من الولايات المتحدة وحلفائها. كما أن القوى الإقليمية والدولية المختلفة تسعى إلى احتواء الصراع ومنع اتساعه، مما قد يحد من قدرة جبهة الإسناد على تقديم الدعم الكامل للمقاومة الفلسطينية.
الخلاصة
تعد جبهة الإسناد التي تشكلت من حزب الله والحوثيين والفصائل العراقية عاملاً مهماً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذا الدعم يقوي موقف المقاومة الفلسطينية، ويزيد من الضغوط على إسرائيل، ويعزز التضامن العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية.
ومع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أن جبهة الإسناد تواجه تحديات كبيرة، وأن تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية يتطلب جهوداً دولية وإقليمية شاملة. يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى قدرة هذه الجبهة على تغيير موازين القوى في الصراع، وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
يمكنكم مشاهدة الفيديو الذي يناقش هذه القضية بشكل مفصل على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=rdx-4W2cha0
مقالات مرتبطة